أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، الرصاص الحي باتجاه وفد دبلوماسي أثناء وجوده بمدخل مخيم جنين في الضفة الغربية للاطلاع على الواقع المأساوي للمخيم.

وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن جنود الاحتلال الموجودين بمخيم جنين أطلقوا الرصاص الحي بشكل مباشر وكثيف تجاه الوفد الدبلوماسي ومجموعة من الصحفيين خلال وجودهم قرب البوابة الحديدية التي نصبها الاحتلال على مدخل المخيم الشرقي.

وأشارت الوكالة إلى أن الوفد الدبلوماسي الذي ضم سفراء من دول عربية وأجنبية زار مقر محافظة جنين صباح اليوم، واطلع على أوضاع المدينة والمخيم، وقدم المحافظ شرحا مفصلا حول الوضع الاقتصادي للمدينة، وتأثير العدوان على مرافق الحياة في المدينة والخسائر التجارية وتدمير البنية التحتية، إضافة لأوضاع 22 ألف نازح أجبرهم الاحتلال على ترك منازلهم في المخيم.

وعبرت وزارة الخارجية الفلسطينية عن إدانتها لاستهداف الوفد الدبلوماسي، وأكدت في بيان أن "هذا الفعل العدواني يُعد خرقا فجّا وخطيرا لأحكام القانون الدولي، ولأبسط قواعد العلاقات الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1961، والتي تضمن الحماية والحصانة للبعثات والوفود الدبلوماسية".

 

"انحراف عن المسار المعتمد"

من جهته، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه أطلق "طلقات تحذيرية" بعد أن "انحرفت" الزيارة التي قام بها دبلوماسيون أجانب إلى مدينة جنين عن المسار المتفق عليه، حسب قوله.

وقال في بيان: "انحرف الوفد عن المسار المعتمد ودخل منطقة لم يُصرح له بالتواجد فيها"، مؤكدًا أن "الجنود الذين كانوا في المنطقة أطلقوا طلقات تحذيرية".

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه "يأسف للإزعاج الذي تسببت به الحادثة"، مشيرًا إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، حسب قوله.

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني أن الطلقات التحذيرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي باتّجاه دبلوماسيين في الضفة الغربية تهديدات "غير مقبولة". وكتب في منشور على إكس: "نطلب من الحكومة الإسرائيلية توضيحات فورية لما حصل. والتهديدات في حقّ الدبلوماسيين غير مقبولة".

كما نددت وزارة الخارجية الإسبانية "بشدة" بطلقات النار الإسرائيلية خلال زيارة الدبلوماسيين. وجاء في بيان مقتضب: إن "الوزارة تحقّق في كلّ ما جرى. كان إسباني ضمن مجموعة الدبلوماسيين وهو بخير. ونحن نتواصل مع بلدان أخرى معنيّة بالمسألة لتقديم ردّ مشترك على ما حصل، وهو أمر نندّد به بشدّة".

من جانبها، اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن أي تهديد لحياة الدبلوماسيين هو "غير مقبول"، مضيفة للصحافيين في بروكسل: "ندعو إسرائيل إلى التحقيق في هذه الحادثة ونطلب محاسبة المسؤولين عنها".

https://www.youtube.com/watch?v=uX--LyF8FkM

 

"أمر خطير وكبير جدًا"

إضافة إلى ذلك، أفاد مراسل التلفزيون العربي في جنين، عميد شحادة، بأن ما جرى "لا يمكن وصفه بالمصادفة؛ فمن الناحية السياسية، هو أمر خطير وكبير جدًا، في ظل وجود خطر على حياة السياسيين الذين كانوا متواجدين. وقد جاء هذا الاستهداف متزامنًا مع تحوّل في الخطاب الأوروبي تجاه الاحتلال الإسرائيلي، وتجاه حكومة يمينية متطرفة".

ولفت المراسل إلى أن بريطانيا كانت قد اتخذت، بالأمس، خطوات ذات طابع تجاري، وهددت إسرائيل بضرورة فك الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية. ولم يرق هذا الموقف للسياسيين الإسرائيليين، الذين أصدروا تصريحات منددة.

وأضاف أن هناك تصعيدًا في الخطاب تجاه فرنسا والرئيس ماكرون، وكذلك تجاه إسبانيا، من قِبل الحكومة الإسرائيلية، تخللته اتهامات موجّهة إلى هذه الدول.

https://x.com/AlarabyTV/status/1925158383293767816

 

"إطلاق رصاص متعمد"

وأوضح أن ما جرى اليوم في محيط مخيم جنين لا يمكن فصله عن سياق التحريض، وربما عن قرار سياسي واضح بإطلاق النار، بهدف إيصال رسالة إلى هذه الدول مفادها أن الحكومة الإسرائيلية لا تقيم لها وزنًا، وتتحداها بالرصاص عبر استهداف وفد دبلوماسي يضم أعضاء من تلك الدول.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية عن تنظيم زيارة لقناصل وسفراء إلى جنين، اليوم الأربعاء، للوقوف على العدوان الإسرائيلي المتواصل، وسبقته زيارة مماثلة الأسبوع الماضي لمدينة طولكرم.

وفي 21 يناير 2025، بدأ الجيش الإسرائيلي عدوانًا عسكريًا شمال الضفة استهله بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما، ثم وسّع عدوانه إلى مدينة طولكرم في 27 من الشهر نفسه.